الطوارق _ Tuareg
الطوارق Tuareg جمع طارقي، أي رجل من قبيلة تارجا، وهي أصغر فروع قبائل صنهاجة.
يعد ابن خلدون أشهر من كتب عن أصل الطوارق، فقد أهتم بدراسة أجدادهم، وردَّهم إلى أصول عربية، نزحوا من جنوبي الجزيرة العربية منذ عهود قديمة قبل الفتح الإسلامي، وأكد ابن خلدون أن قبائل صنهاجة البربرية هم أجداد الطوارق، وقد كانت تعيش أول الأمر في أقصى جنوبي المغرب العربي، ثم انتشر أفرادها في الصحراء الكبرى.
موطنهم الأصلي
تعد الصحراء الكبرى موطنهم الأصلي منذ عهود قديمة، لأن الماء والكلأ كانا متوافرين فيها منذ القديم،ولكن عندما أخذ القحط يمتد إليها اضطر سكانها إلى التراجع إلى أطراف الصحراء، حتى وصلوا إقليم السافانا جنوباً، بالقرب من تمبكتو Timbuktu وما يليها شرقاً من مالي والنيجر، أو كما يسميها ابن خلدون بلاد السودان.
تمتد منطقة تجوال الطوارق آلاف الكيلومترات، من جنوبي المغرب إلى تشاد وحوض النيجر في إفريقيا، ومن فِزَّان الليبية إلى المحيط الأطلسي غرباً، وهذه المنطقة هي من أكثر مناطق العالم جدباً، وأشدها تمثلاً للمناخ الصحراوي، فالأرض رملية قاحلة، والجبال التي ترتفع وسط الصحراء شبه جرداء، وتضم المنطقة بعض الواحات المتباعدة، التي يكاد الطوارق يحتكرون وحدهم معرفة الطرق إليها.
أعدادهم وتوزيعهم
عاش الطوارق متنقلين في الصحراء الكبرى دون حواجز، غير أن الحدود الدولية الحديثة فرقتهم بين دول عدة، فأصبح أكثر من نصف مليون منهم يعيشون في جمهوريتي النيجر و مالي، وما ينوف عن أربعين ألفاً في الجزائر، ومثلهم في ليبيا، ولكن بعض المصادر تذكر أن عددهم في ليبيا نحو مئة وخمسين ألف نسمة، ومازال نحو مئة ألف منهم يعيشون هائمين فوق أرض صحراوية، تزيد مساحتها على مليون ومئتي ألف كم2، ولاتكاد تقف في وجههم أي حدود أو حواجز.
من أهم مراكزهم في الوطن العربي منطقة مدينة غات، التي تقع على واحة في الطرف الصحراوي الجنوبي الغربي من الأراضي الليبية، ومنطقة الهغّار (أي الأحجار) في أقصى جنوبي الجزائر. ويدين جميع الطوارق بالإسلام، بغضِّ النظر عن أصولهم الإثنية، وتسود بينهم الملامح العربية، مع ملاحظة أن طوارق النيجر و مالي أشد سمرة من سواهم من الطوارق، نتيجة لاختلاطهم بالزنوج.
خصائصهم الاجتماعية و أنشطتهم الحضارية
الطوارق مجتمع بدوي، يتكلمون لغة أقرب إلى البربرية القديمة، تُعْرَفُ باسم التامارشق (Tamarshak)، ولهم أبجدية خاصة بهم مؤلفة من 24حرفاً تدعى تفناغ tifinagh، ويتكلم قسم منهم اللغة العربية، والقسم الآخر (الجنوبي) لغة الهاوسا المنتشرة في غربي إفريقيا.
يعمل الطوارق بحرفة رعي الإبل، وتختلف أنظمتهم الاجتماعية عن البدو الآخرين بوجود النظام الأمومي بينهم، وهو استثناء فريد بين جماعات البدو عموماً، إذ تتمتع المرأة الطوارقية بمكانة خاصة لديهم، فهي التي تختار زوجها، وهي التي يرقى إليها شرف النسب، كما تقوم بالأعمال التجارية وتقود حياتها الفردية قبل الزواج، وتظهر سافرة دون حجاب وهي ظاهرة اجتماعية ميزتهم من غيرهم من القبائل الضاربة في الصحراء الكبرى، في حين يحرص الرجل على وضع اللثام، الذي يبقى على وجهه منذ سن الرشد حتى الموت، لذا أطلق عليهم العرب اسم الملثمين.
سيطر الطوارق على ممرات الطرق التجارية عبر الصحراء، ففرضوا الضرائب على القوافل التجارية العابرة، لقاء حمايتها و المساعدة على مرورها بسلام حتى حدود منطقتهم.
يتألف مجتمع الطوارق من طبقتين، الأولى: طبقة السادة التي تعمل بالرعي والتجارة وعلى الأخص تجارة الملح الصخري، والثانية: طبقة العبيد وهم الذين يعملون في الزراعة ويمثلون الطبقة الدنيا لمجتمع الطوارق، وهؤلاء يشكلون غالبية سكان «غات» في ليبيا و«تامنراست» في الجزائر. ويجب الإشارة إلى أن بعض الطوارق قد أخذ بتربية الأبقار على الحدود مع مالي ووسط النيجر.
هذا وقد خفت مؤخراً حدة العلاقات الطبقية التي تنظم مجتمع الطوارق، وغيّر التحضر نمط حياتهم وطريقة تفكيرهم، ولاسيما بعد اكتشاف النفط و قيام المشروعات الكبرى في الصحراء، و اتجاه عدد كبير من «الحراطين» إلى العمل فيها، إلا أن هذا التغير في مجتمع الطوارق لايزال بطيئاً حتى اليوم.
درج المؤرخون والرحالة العرب القدامى على تسمية الطوارق بالملثمين، لمحافظتهم الشديدة على هذه العادة منذ فجر التاريخ، حيث يغلب على الطارقي وضع لثام في الحل والترحال ويلفه بإحكام على وجهه حتى لا يظهر سوى العينين، على عكس النساء اللائي يكن سافرات الوجوه في الغالب. ويشاركهم في وضع اللثام بعض المجموعات الصحراوية كقبائل صنهاجة الذين عرفوا بالملثمين.
وتعددت تفسيرات تمسكهم باللثام، فمنها الحياء الغالب على تلك الشعوب.
يفسر الطوارق عادة «حجاب الرجال» عندهم بأسطورة مفادها أن أكبر قبائلهم ذهب رجالها مرة غزاة يريدون العدو، فجاء العدو من بعدهم إلى خيامهم ولم يكن بالخيام إلا النساء والأطفال ورجل مقعد هرم لكنه حكيم، فأمر ذلك الحكيم النساء أن يلبسن ملابس الرجال ويتلثمن بالعمائم إخفاء لأنوثتهن ،وعندما فعلن ذلك ووقفن وجهاً لوجه مع العدو وبأيديهن السيوف والفؤوس ظهر رجالهن فجأة عائدين لأنهم لم يجدوا العدو وهاجموا الأعداء من الخلف في حين هاجمتهم النساء أيضاً، فانهزم العدو وانتصر الطوارق، ومنذ ذلك اليوم «يوم الملحمة المجيدة» إلى رجالهم على أنفسهم ألا يضعوا اللثام عن رؤوسهم أبداً تخليداً لهذه الذكرى.
التفسير الأقرب إلى العلمية والمنطق، هو أن الظروف المناخية القاسية هي السبب الأساسي للثام الطوارق، حيث العواصف الرملية والأتربة تملأ جو الصحراء معظم السنة، ما استلزم من الطوارق وغيرهم من سكان المنطقة أن يتعمموا اتقاء للغبار والزوابع الرملية.
وهذا ما فرض على الضباط الفرنسيين في فرق الهجانة الصحراوية أن يكونوا هم أيضاً ملثمين، حيث أصبح اللثام يأتيهم من مخازن وزارة الدفاع في باريس كجزء من البزة الرسمية الفرنسية المعتمد.
Tags:
سياحة