لم يحل اعتلال عينيه بينه وبين شغفه بفن المنمنمات الذي قاوم عبره الاحتلال الفرنسي؛ فمعارض الجزائري الرائد، محمد راسم جابت بقاع الأرض شتى حتى بعد اعتلاله وتوقفه عن ممارسة لفن، معلنة قدرة الشغف على تجاوز المعوقات البدنية والصحية، حتى أصبح أحد أبرز الرموز الفنية في العالم.
كان مقاومة الاحتلال الفرنسي عبر الفن أحد أبرز سمات فن محمد راسم؛ وعبر المقاومة السلمية بالفن جابت معارض محمد راسم العالم من شرقه إلى غربه، فعبرت من وطنه الجزائر شرقًا إلى القاهرة ثم إلى الغرب نحو روما وبوخارست وستوكهولم وكوبنهاجن، أما القسم الأكبر من مجموعته، فلا تزال تزين متحف الفنون الجميلة في الجزائر العاصمة.
اليوم، وفي الذكرى الثانية والخمسين بعد المئة لميلاده يحتفل محرك الأوسع نطاقًا حول العالم «جوجل» بميلاد راسم عبر التزين برسم يظهر الفنان الراحل ممسكًا بريشته لرسم لوحة من لوحاته المرتبطة بالمنمنمات، الذي أبدع فيه راسم حتى صار أحد أبرز رموزه، ولكن من هو؟
ولد الفنان محمد راسم عام 1896 في حي القصبة العتيق بالجزائر العاصمة، الواقعة بين فكي الأحتلال الفرنسي آنذاك. وهو ابن لأسرة عريقة نشأ في كنفها بين ضروب الفن التشكيلي، واهتم منذ نعومة أظافره بعدد من الفنون التشكيلية بينها فن «المنمنمات».
فق ما ورد بموسوعة متحف للفن الحديث والعالم العربي، أثرت نشأة الفنان الجزائري تحت الاحتلال على اختيارته الفنية والحياتية؛ فبعدما قرر أن يكمل تعليمه في مدرسة تعليم مهني ثم عمل رساما فبمكتب الرسم التابع لمديرية الفنون الأهلية، حيث اكتشفه المدير التنفيذي للمديرية الفنية المختصة مقررًا أن يوظف هذه الموهبة الفريدة، كرس راسم حياته لمقاوم الاحتلال عبر أشكال متعددة من الفنون.
قضى الفنان الجزائري عقود في من عمره في الفن حيث استنساخ وتصميم نقوش المطرزات العربية، وإبداع الزخارف النحاسية
أضفى محمد راسم لمساته الخاصة فن النمنمات مازجًا تراث الماضي بروح الحاضر، حتى صار رائدًا لفن المنمنمات في الجزائر، وفي العالم. .
في سن مبكرة وقبل أن يكمل عامه الـ27 وتحديدًا في العام 1923 عرض محمد راسم أعماله في جمعية الفنانين الجزائريين والمستشرقين وفي العام ذاته حصل على منحة من بلدية الجزائر العاصمة وعلى وسام جمعية الرسامين المستشرقين الفرنسيين في العاصمة الفرنسية باريس لنطلق منها إلى العالمية.
هل جرى اغتياله ؟
صورت أعمال محمد راسم حياة الجزائريين في الأحداث التاريخية والاحتفالات الدينية قبيل الاحتلال، معبرًا عن انتهاكات الاحتلال في عدة مواضع، حتى أضحى راسم رمزًا للمقاومة بالفن وبعد ما نالت الجزائر استقلالها عام 1962، جرى تعيينه مستشارا لوزير الثقافة، وعرضت أعماله شتى أنحاء العالم مثل باريس والقاهرة وروما وبوخارست وستوكهولم وكوبنهاجن، أما القسم الأكبر من مجموعة الفنان الشخصية محفوظ الآن في متحف الفنون الجميلة في الجزائر العاصمة.
وتوفى راسم مع زوجته السويدية في ظروف غامضة في 30 مارس 1975